BY Ronnie Vitalia
In English below
Note: Ronnie wrote this in February 2023 and it continues to resonate as the crisis in Sudan intensifies at time of publishing.
مشهد المأزق الاقتصادي – السياسي
دخل ولا يزال السودان في دائرة من تعاقب الانقلابات العسكرية والانتفاضات الشعبية وعودة البرلمانية. والآن وحتى بعد قيام الثورة نحن لا نزال بحاجة الى تسهيلات المجتمع الدولي ابتداء من إعفاء الديون ولكن هذه التسهيلات تظل بحاجة إلى أرضية اقتصادية راسخة لم تتوفر في السودان بسبب النزاعات، ما أحدث تشوهات هيكلية في الاقتصاد أدت إلى اختلال التوازن في مؤشرات الاقتصاد الكلي، وانعكس على مجمل أداء القطاعات الإنتاجية والخدمية، فتضافرت مع عدم الاستقرار السياسي، وأدت إلى تراجع معدلات الناتج المحلي الإجمالي. وبسبب المأزق الاقتصادي يقف السودان الآن على حافة الانهيار، وهذا أمر لم يعد يحتمل المغالطات واللجوء للصندوق سيجبر الحكومة على اتباع سياسة إنفاق انكماشية ستؤدي لإيقاف عجلة النمو الاقتصادي. فحتى الآن لا توجد حلول قومية تجنب البلاد تداعيات العزل و الإقصاء والإهمال, والأمر من ذلك هو تفشي الفساد وغياب الشفافية والديمقراطية في بلد غني بالموارد الطبيعية الهائلة وعدم استغلالها في النمو الاقتصادي
في يونيو 2021 أقر صندوق النقد الدولي قرضا بقيمة 2.5 مليار دولار للسودان وأبرم اتفاقا يقضي بتخفيف قدره 50 مليار دولار من الديون. إلا أن تنفيذ الاتفاق لم يتم بالكامل بعد أحداث شهدتها البلاد في أكتوبر شملت احتجاز رئيس الوزراء ومنذ ذلك الحين لم يسر الإتفاق.
برنامج الإصلاح عبارة عن وصفة واحدة يضعها الصندوق للجميع تقريبا, هذه الوصفة تتمثل في رفع الدعم عن السلع الرئيسية مثل الوقود والكهرباء، خصخصة شركات حكومية، تنفيذ زيادات ضريبية، ضبط الأجور ووصلت في حالات مثل السودان ومصر إلى تعويم العملة المحلية. كما أن تكلفة الدين ترتفع بانخفاض العملة والاقتصاد الحالي لا يحصن الدولة من تقلبات سعر الصرف. لا يوجد أي فرق بين السياسات التاريخية لقوى الاستعمار وممارسات المؤسسات المالية الدولية الحديثة والتي بدورها حولت الدول المديونة الى ساحة للصراعات الدولية والإقليمية. ومع أو بدون الحصول على ثقة الصندوق يجب رفض اتفاق صندوق النقد الدولي لأنه يكبل السودان بمزيد من الديون ويجعله رهنا لقرارات قوى خارجية. أحد أهم وسائل الصندوق في انتهاك الدول التي تقترض منه هي ” التعديل البنيوي ” والهيمنة الإمبريالية التي تساعد على السيطرة على السياسات الاقتصادية والخارجية والتي تنتهي في ادخالنا في أزمات طاحنة وإثقالنا بالديون ونأخذ تجربة مصر كمثال. بعد تخلف الدولة عن سداد الديون تم إعفاء الديون ولكن في مقابل التنازل عن حق التحكم في قناة السويس وانتهى ذلك بالاحتلال العسكري بحجة الحفاظ على الممتلكات الأوروبية. وهكذا يلعب الاقتراض دوراً أساسياً في تقييد الخيارات السياسية-الاقتصادية للدول المقترض منه ويمهّد إخضاعها لمنظومة مالية واقتصادية دولية تابعة لمصالح الدول الكبرى التي أنشأت هذه المنظومة والتي تستفيد من سيادة الجيش على الدولة لتنقل الأرباح من موارد طبيعية ثمينة وبشرية رخيصة تستغل بشكل روتيني على يد شركات دولية تتعاقد من الباطن مع شركات الجيش السوداني من أجل سرقة المعادن والبترول مثل الهند والصين و تهجير أصحاب الأرض والسكان الأصليين وتأجير الأراضي الزراعية لدول الخليج لحصادها والاستفادة منها بينما يعاني الملايين من الجوع وسوء التغذية.
النظام الطبقي وسبل العيش المستدامة
السائد في السودان أن ينجو من لديه أقارب او عائلة في الخارج ت/يحصل منهم على الأموال بسعر صرف مربح لأي عملة أجنبية أو يقبض راتبه بالدولار وغيره. ويعيدنا ذلك إلى الطبقة الاجتماعية وتأثيرها على الفرد وصحته وغذائه. حيث يعاني البلد بأكمله من الاقتصاد الذي يفرض على الكثير تناول ما هو أرخص أو ما توفر والذي دائما ما يكون غذاء غير مفيد. وحتى عند المرض فهم غير قادرين على الحصول على الرعاية الصحية المناسبة مع أنهم الأكثر عرضة للتدهور الصحي بناء على نظامهم الغذائي الفقير. ونمط العيش والرفاهية ونوعية المأكل والملبس جميعها عوامل وعواقب سببها النظام الطبقي والتي تبدأ من التفاوت الطبقي في السودان والذي يكاد لا يصدق وعلاقته بعدم الاتساق السياسي تشكل عائق ثوري كبير من خلاله توجد طبقة نخبوية يخرج شبابها في المظاهرات ويطالب بالمدنية والحرية ثم يعود ليرمي شعارات الثورة ويذهب لنوادي وحفلات يتم إدارتها وتمويلها من قبل شركات الجيش السوداني التي أحكمت قبضتها على موارد واقتصاد الدولة. وكمثال لقى ابن الرئيس التنفيذي لشركة سوداني للاتصالات محمد مجدي, مصرعه على يد عسكري نظامي أمام نادي النيل العالمي التابع لجهاز المخابرات العامة بالخرطوم. وهذه هي نفسها القوات العسكرية التي تعرضنا لموجة جديدة من الإرهاب بأساليب أكثر شراسة وضراوة من الذي تعرضنا له في السنوات الماضية وما زالت آثاره تؤذينا حتى اللحظة فالسودان لم يحظ سوى بفترات قصيرة من الاستقرار دون أن تهدأ آلة الحرب المشتعلة في أطرافه
الحوكمة البيئية والتأخر في المعالجات الجذرية البيئية
تتضارب الرؤى حول ما إذا كان العام الجديد سيحمل آفاقا أفضل, بأمل الوصول لحل سياسي يجنب البلاد المزيد من الكوارث التي تخللته خلال العامين الماضيين من الأزمات والأضرار البشرية والاقتصادية والأمنية ابتداء من الفيضانات والسيول وتسببها في غمر مناطق زراعية كثيرة. وبسبب قصور السياسات والقوانين البيئية وانعدام التنسيق بين المؤسسات الحكومية وبالإضافة لانخفاض مستوى الوعي العام البيئي وضعف إدارة الموارد والتكنولوجيا يعاني الناس من تفشي أمراض مثل الملاريا, الحصبة, حمى الضنك والتهاب الكبد الوبائي . وبدون إمكانات للعلاج ولا كوادر طبية أو إمدادات أدوية. وحسب الناشط في العمل التطوعي ومنسق مبادرات ومساعدات في المناطق المنكوبة ” هشام عبد المنعم بشير ” فهنالك إشكالات في آليات التوزيع وأوضح أن الإغاثية والدور الحكومي بسيط للغاية والإعلان عنه أكبر من الحجم الحقيقي للمعونات التي تصل للمواطنين. مما يدل على التقصير والتأخير في إنجاز هذه المعالجات الجذرية والتي تتفاقم إذا استمر التوتر الأمني والسياسي مع تزايد حدة الانفلات الأمني في المدن والأقاليم وأحداث الكوارث والموت على مجمل المشهد في البلاد
كما أدت جائحة كورونا والصدمات الاقتصادية التي صاحبتها إلى زيادة طلب المساعدات المالية من الصندوق ولم تكشف فقط عدم المساواة بل أكدت ان الأزمة الاجتماعية سوف تطول حتى بعد انتهاء كورونا. فإن السبب الرئيسي في تفشي كورونا هو الطبقية والفجوات الاجتماعية التي تمارس الانتقائية وتقرر مصير الأشخاص ابتداء من إعطاء الأولوية في التطعيم للطبقات الغنية وسهولة حصول ووصول أشخاصها على الرعاية والخدمات الصحية. من المهم تحديد كيفية ضمان توزيع أكثر إنصافا للقاحات بحيث يكون توزيع اللقاحات بشكل أكثر فعالية نحو البلدان الأكثر احتياجا.
The Political-Economic Impasse
Sudan has entered into, and is still embroiled in, a cycle of successive military coups, popular uprisings, and the return of parliamentarianism. Now, even after the revolution, we still need concessions from the international community, starting with debt forgiveness. However, these concessions still require a solid economic foundation that cannot be found in Sudan due to the conflicts, which have caused structural distortions in the economy, causing an imbalance in macroeconomic indicators. This was reflected in the overall performance of the production and service sectors, which, combined with political instability, led to a decline in GDP rates.
Because of the economic impasse, Sudan is now on the brink of collapse. There is no room for mistakes, and resorting to the International Monetary Fund (IMF) will force the government to follow a deflationary spending policy that will halt economies, implementing tax increases, controlling wages, and in cases such as Sudan and Egypt, it includes floating the local currency. Additionally, the cost of debt rises with the currency’s depreciation, and the current economy does not protect the country from fluctuations in the exchange rate. There is no difference between the historical policies of colonial powers and the practices of modern international financial institutions, which have turned indebted countries into an arena for international and regional conflicts.
So far, there haven’t been any national solutions to avoid the aftermath of isolation, exclusion, and negligence, which has led to widespread corruption and the absence of transparency and democracy in a country rich in natural resources that are not being utilized for economic growth.
In June 2021, the IMF approved a 2.5 billion US dollar loan for Sudan and signed an agreement that it would provide 50 billion US dollars in debt relief. However, the agreement was never fully implemented after the events that took place in October, including the detention of the Prime Minister. Since then, the agreement has not been put into effect.
The IMF reform program is the same for almost everyone and the IMF agreement should be rejected. One of the Fund’s primary means of violating borrowing countries is through “structural adjustment” and imperial domination, which helps control economic and foreign policies, leading us to severe crises and burdening us with debt.
Thus, borrowing plays a fundamental role in restricting the political-economic choices of borrowing countries and paves the way for their subjection to an international financial and economic system, which is affiliated with the interests of the major countries that established this system. These countries benefit from the army’s sovereignty over the state through profits from valuable natural resources and cheap human labour that is routinely exploited by international companies. Said companies subcontract Sudanese military companies in order to steal minerals and oil from countries such as India and China, displace landowners and indigenous people, and lease agricultural lands to Gulf countries, who harvest and benefit from these lands while millions suffer from hunger and malnutrition.
The Class System and Sustainable Livelihoods
It is commonplace in Sudan for those who have relatives or family abroad to receive money from them at a profitable exchange rate for any foreign currency or receive their salary in US dollars, among other options. This brings us back to social class and its impact on the individual, their health, and their diet. The whole country suffers from an economy that forces many to eat whatever is cheapest or freely available. Even when sick, many people are unable to receive proper health care, although they are the most vulnerable to deterioration in health as a result of their poor diet.
Lifestyle, luxury, and food and clothing quality are all determined by the class system, which begins with unimaginable class inequality in Sudan and its relationship with political inconsistency. This inequality constitutes a major revolutionary obstacle. We have an elite class whose youth go out in demonstrations and demand a civil state and freedom, then throw the slogans of the revolution out the window when they go to clubs and parties held and funded by Sudanese military companies, who have tightened their grip on the resources and economy of the state.
For example, Mohamed Magdi, the son of the CEO of the Sudani telecom company, was killed by a security guard outside the International Nile Club, which is affiliated with the General Intelligence Service (GIS) in Khartoum. These are the same military forces that have subjected us to a new wave of terrorism that employs crueller and more vicious methods than what we have experienced during the past years, the effects of which still harm us till this very moment.
Sudan has only enjoyed short periods of stability, while the war machine raging on its outskirts has continued ceaselessly.
Governance and the Delay in Radical Solutions
There are conflicting opinions on whether 2023 will bring about better prospects, on whether there is hope of reaching a political solution that will spare the country more disasters, such as the man-made, economic, and security crises that have permeated the country the past couple of years.
COVID-19 and the accompanying economic shocks led to an increase in requests for financial aid from the IMF, which not only revealed inequality but also confirmed that this social crisis will continue even after the end of COVID. A key reason for the outbreak of COVID is the gaps between socioeconomic classes, which select and decide the fate of people, prioritizing vaccination in rich countries and facilitating access to health care for the richest classes.
The floods and torrential rains that caused the flooding of many agricultural areas have left deep impacts. Due to the dearth of environmental policies and laws, lack of coordination between government institutions, little environmental public awareness, and the poor management of resources and technology, people have suffered from outbreaks of diseases such as malaria, measles, dengue fever, and hepatitis without treatment, the help of medical staff, or medicine.
According to Hisham Abdel Moneim Bashir — an activist who does voluntary work and coordinates initiatives and aid in affected areas — there are problems with the distribution mechanisms. He explained that humanitarian aid agencies and the government do very little but have marketed their efforts as much larger than the actual amount of aid that reaches citizens. This indicates failure and delays in the implementation of radical solutions, which will exacerbate the situation if security and political tension continue. This will also increase the intensity of lawlessness in cities and provinces and the occurrence of disasters and death throughout the entire country.
References
COVID-19 Financial Assistance and Debt Service Relief
بين الدول العربية و”النقد الدولي”.. تكاليف باهظة (تقرير)
القاهرة ( رويترز ) اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي
السودان.. أزمات إنسانية ومعاناة سياسية
كارثة السيول والفيضانات.. ماذا يحدث بالسودان؟
ما أبرز الأزمات السياسية في السودان؟
السودان يقول إنه بدأ مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج غير ممول
صندوق النقد الدولي يوافق على خطة تمويل لتخفيف عبء ديون السودان