BY Imene Amara
هل تعرفين مصدر تمويل الموقع الفلاني ؟ هل أصدر مكتب المنظمة العلانية بيانا يدعم فيه الاحتلال الصهيوني دون مواربة ؟ هل الصندوق س معنا أم ضدنا ؟ اسئلة كثيرة تكررت في الأوساط النسوية في منطقتنا منذ بداية الحرب على غزة بحثا عن مصادر التمويل الأقل تواطؤا مع سرديات الاحتلال والهيمنة الغربية بعد أن أصبحت مكشوفة وعلنية وبالتالي يصعب تجاهلها او ادعاء جهلنا بها. نحمل هم سؤال ما الذي سنفعله وغالبيتنا يعملن ككاتبات وناشطات مستقلات ولا يحملن بطاقات الصحافة حتى تدافع عنهن النقابات ويسهل وضعهن على قوائم سوداء؟ ما الذي يمكننا فعله ونحن نشهد يوميا انهيار دول المنطقة اقتصاديا، الواحدة تلو الأخرى وتعاني فيها النساء من الإفقار الممنهج حتى لو حصلن على أعلى الشهادات ؟ هذه ليست المشكلة الأولى التي تواجهنا بخصوص التمويل، فقد اختبرنا من قبل فرض المواضيع البحثية وتعزيز الصور النمطية، لكنها، هذه المرة، مشكلة مرتبطة بسياق أكبر، سياسي وأيديولوجي يجبرنا على إعادة النظر في تموضعنا كنسويات من ما أفضّل تسميته الجنوب العالمي، فالجغرافيا أكثر حيادا من معيار اللغة أو الإثنية والعالم عالمنا أيضا وليس عالم الشمال فقط الذي يضعنا على الهامش.
لكن إعادة النظر هذه غير كافية لتحقيق توزيع عادل للثروات المتمثلة، في حالتنا هذه، في التمويل وما يترتب عنه إيجابا من إنتاج معرفي وطمأنينة حياتية ومعيشية. تحقق لنا الرفاهية النفسية والمادية. فقبل السابع من أكتوبر، بداية العدوان على غزة، وتبعاته، لم يكن الحصول على تمويل بتلك السهولة المتخيلة رغم توفر الموارد، فالمشهد النسوي يعاني من جميع آفات المجتمعات التي ينتمي لها. غالبيتنا نعلم ولا نصرّح كيف يتم تقسيم الموارد المتاحة والقادمة من الغرب بين مجموعات بعينها، وغالبيتنا نعلم و لا نصرّح كيف يتم التعامل مع العاملات في هذا المجال بداية من المقابل المادي المزري بحجة التوافق مع متوسط الدخل في البلد والتأخير في دفع المستحقات أو الامتناع عنه والاستيلاء على الإنتاج الفكري، مرورا بالضغوطات النفسية وأحيانا الإبتزاز والتحرش. ومثلما تهيمن الجهات المانحة على العمل النسوي وتضع له أجندات ومسارات لا يجب عليه تخطيها، فإن الجهات المحلية المستفيدة أيضا تعيد إنتاج نفس الإحتكار والشللية والمصالح المتبادلة.
ربما جاءت تبعات الحرب على غزة في وقتها لنعيد النظر أيضا في المشهد النسوي ككل ونبدأ مهمة تنظيمه بما يناسب الشعارات التي نرددها بخصوص محاربة الاضطهاد والانتهاكات في أماكن العمل و توزيع الثروات بصفة عادلة وتوفير ظروف عمل آدمية بمقابل مادي حقيقي ويضمن حياة كريمة. يجب علينا أن نتحد كنسويات ونعمل معا على إنشاء صندوق مالي يعتمد على تبرعاتنا وتبرعات النساء جميعا، كل حسب مقدرتها ،وعلى إعادة تدوير أرباح المشاريع التي سيخلقها داخل سوق عمل مصغّر وعادل. هذه المشاريع ستكون مختلفة عن تلك المنتشرة والتي لم تكن على مستوى التوقعات البتة، واكتفت بإعادة إنتاج نفس الأدوار الاجتماعية المنوطة بالمرأة وتعزيزها، عبر تمويل مشاريع المربى والمخلل التي تبقي النساء حبيسات المنازل وخارج سوق العمل الرسمي الذي لا يعترف بوجودهن وبالتالي يحرمن من ميزاته، على ندرتها وبالكاد يسمح لهن بالعيش ويقضي على كل فرصهن للترقي الإجتماعي والاقتصادي.
صندوق النقد النسوي، والذي يقترض اسمه من مرادفه سيء الذكر كنوع من أنواع السخرية والإزدراء -صندوق النقد الدولي، تقوم فكرته على تمويل مشاريع النساء حتى وإن لم يعرفن أنفسهن كنسويات، على أن تلتزم كل مستفيدة من التمويل بالتبرع لاحقا وتعليم أو/و تدريب نساء أخريات لضمان استمرارية الفكرة واستفادة أكبر عدد منها. كما أنه يعمل على طرح أشكال إنتاجية جديدة تمنح النساء فرصة الدخول لسوق العمل الرسمي لتمكينهن من الحصول على معاشات تقاعدية لاحقا والاستفادة من التأمين الصحي مثلا والإجازات المدفوعة والإجازات المرضية وإجازات الوضع وغيرها، وأيضا مساعدة النساء على الإنخراط في شبكات اجتماعية واقتصادية وسياسية فاعلة في المجتمع، عبر تنويع المشاريع والبرامج التي يساهم الصندوق في تمويلها وقد تشمل الدراسة والتخصص أو خلق فرص عمل أو التدريب على مهارة مثلا في مجالات التقنية والذكاء الإصطناعي والترجمة وغيرها من المجالات المطلوبة والمستقبلية والتي لا تفتح أبوابها للنساء بسهولة.
سيكون علينا، أيضا، استقطاب رؤوس الأموال النسائية الموجودة والمتاحة، بعيدا عن تحكمات رأس المال والمانحين وحيتان سوق المنظمات العالمية. سيمنحنا صندوق المال النسوي فرصة تحقيق الاستقلالية التي طالما طالبنا بها على مستوى المجموعات والمساهمة أيضا في تمويل مشاريع نسوية بحتة مثل إعادة تأهيل ضحايا العنف مثلا وتوفير رعاية نفسية وقانونية ومساكن آمنة وسيمكننا أيضا إنشاء مراكز إيواء للأفراد غير الممتثلين/ات جندريا و المهمشين/ات وتوفير كتب ومستلزمات صحية وجمالية للسجينات والسجناء والعاملين والعاملات في الجنس التجاري وتوفير جلساء وجليسات لكبار السن وغيرها من المشاريع التي لن تفكر فيها المنظومة السياسية والاجتماعية القائمة سواء مؤسسات الدولة أو حتى الجمعيات المدنية وعلينا أن نلتفت لها لأن الشعارات والنقد والتحليل والإنتاج المعرفي لا يكفي لبناء عالم أكثر عدالة كما نحلم به.
هذا الصندوق النسوي ليس اختراعا جديدا، فهو امتداد وإستعادة لممارسة متوغلة في تاريخ التضامن بين النساء اللواتي مارسن النسوية على أكمل وجه قبل أن يظهر المصطلح والمفهوم وتتم صياغته أكاديميا. تساعد النساء بعضهن البعض بشكل مستمر، خاصة في المجتمعات التي تلعب فيها الدولة دورا لا يذكر في تحسين حياة الأفراد ومن هم على الهامش. في مجتمعات الجنوب العالمي، لا تزال هذه الممارسات سارية إلى حد كبير، رغم تفشي الفردانية، مثل المساعدة في ولائم الأفراح والأتراح بالمال والمجهود، والجمعيات المالية وحتى إعارة الأغراض والملابس والدعم المعنوي والنفسي وكتم الأسرار وإخفاء ماقد يعتبر جرائم في عيون المجتمع ورجال العائلة، مرورا بالتشارك في الأعمال الرعائية الواقعة على عاتق النساء وتبادل الخدمات والوصفات. تمكنت النساء من النجاة والتعايش مع المنظومة الأبوية بفضل شبكات التضامن التي أسسنها بشكل عفوي أو ممنهج وأدركن مبكرا أن النجاة لن تكون فردية أبدا، ومن غير الواقعي ولا المجدي أن ننسى اليوم كل ذلك ونتجاهل هذا الإرث العظيم وننخرط بدورنا في منظومة القهر التي لن تتوانى عن دهسنا مهما منحتنا من امتيازات.
لكن، علينا أيضا أن ندرك حقيقة أن العمل النسوي المشترك يتطلب الإعتراف أولا بأننا مختلفات في توجهاتنا وبعضها يصعب التوفيق بينها كما يصعب، أحيانا، تغليب الصالح العام والمستقبل على ثقافة “كل شيء وحالا” السائدة في العالم كله. ويتطلب منا أيضا الإعتراف أن للنسوية حدا أدنى من المباديء التي علينا أن نتفق فيما يخصها دون أن نخاف من إعلان مواقفنا واختيار تحالفاتنا وإن اتهمونا بالإقصائية واستبعاد نساء ومخالفة مبدأ الأختية الذي يقدّس المنتميات لجمعية ” المهبل المقدس المكتسب بالولادة “. فمن غير المعقول أن نعرّف أنفسنا كنسويات ونحتقر نساء الهامش، تماما مثلما لا يمكن أن نحتكر وسائل الإنتاج و ندّعي الماركسية مثلا. اليوم، أكثر من أي وقت آخر، علينا أن نحدد أولوياتنا ونفكر معا في مستقبل نسوي ونمهد له يدا بيد بأفكارنا ومعرفتنا و أيضا بمصادر تمويلنا الخاصة حتى لا يتحكم بنا رأس المال مجددا ويستخدمنا مثلما يستخدم البيئة أو الكوير لتنظيف سمعته وفتح أسواق استهلاك جديدة.
A Feminist Monetary Fund
Translated by Arij Sherim
“Do you know who funds this website? Did that organization release a statement in solidarity with the Zionist occupation? Is this fund with or against us?”
So many questions that have been repeated amongst feminist circles in our region since the beginning of the war on Gaza as we tried to search for the funds that are the least complicit with Zionist and Western narratives that were no longer sugar coated and that, in turn, we could no longer ignore or even pretend that we cannot see. Many of us work as freelancers and have no syndicate IDs or belong to professional institutions that could defend us or at least prevent us from being blacklisted, so we started asking that burdensome question: what are we going to do? What can we do while the countries in our region continue to descend into economic collapse one after the other and women are subjected to systematic impoverishment even when they hold the highest degrees? But when it comes to funding, this is not the first time we have faced trouble, but this time, the problem is tied to a much bigger context, one that is politically and ideologically polarized and which forces us to reconsider our position as feminists from what I prefer to refer to as the “Global South” – because geography is more neutral than language and ethnicity, and because this world belongs to us too – not just to European nations that continue to marginalize us.
But such reconsideration isn’t enough to bring about a just redistribution of wealth – which in our case is funding and its consequent effect on knowledge production, our livelihoods and our material security. Before October 7th and the consequent events , it wasn’t so easy to get funded because the feminist landscape still suffers from the scourges of the society it belongs to. Most of us know but do not openly talk about how the available Western resources get portioned out between the different groups. Most of us also know but do not openly talk about how workers in our field are mistreated – from the ridiculous compensations under the pretext of an employee’s country’s Gross Domestic Product (GDP), and payment delays to not getting paid at all and theft of our intellectual work, not to mention the highly toxic work environments, blackmail and even harassment at times. Just as donors seek to dominate and feminist work and control its roadmap and agenda, local intermediaries also reproduce the same dynamics of monopoly, nepotism, and mutual interests.
So maybe the aftermath of October 7 came at the perfect time to push us to reflect on the feminist landscape as a whole, and to try to reorganize it, at least, in a way that can live up to its slogans on fighting discrimination and workplace violations, the fair redistribution of wealth, and the importance of humane working conditions to ensure a decent living. As feminists, we must stand in solidarity and work together to build a monetary fund from our donations and women’s donations, from each according to her ability, and to circulate the profits of the small and medium-sized enterprises (SMEs) financed by this fund. Such an initiative would be different from popular projects that reproduce the same gendered roles by financing women to make jams and pickles, activities that still confine women to the home and prevent them from participating in the job market and reaping its benefits because they continue to be invisibilized and can rarely rely on such work to experience substantial social and economic mobility. What would we call such an initiative? Perhaps the Feminist Monetary Fund? Challenging and claiming the name of the contemptible International Monetary Fund.
The Feminist Monetary Fund would be dedicated to financing women’s projects even if those women do not identify themselves as feminists – on the condition that each beneficiary of the fund would commit to donating later and educating or training other women to ensure the continuity of the initiative and the benefitting of a larger number of women. It would also introduce new productive labor formats that give women the opportunity to enter the formal labor market to enable them to obtain retirement benefits and pensions, health insurance, paid leave, maternity leave, and other social security benefits. It would also help women engage in effective social, economic, and political networks in that exist in society by diversifying the projects and programs financed by the fund, which may include study modules and specialization tracks, creating job opportunities or training for fields such as technology, artificial intelligence, translation, and other important and future-oriented fields that do not easily open their doors to women.
In addition to that, we would also have to attract the currently existing women’s funds closer to us and away from the stronghold of capitalistic dinosaurs and donors. A feminist monetary fund will allow us to achieve the independence we always dreamed of on the group level, and it will also enable us to fund projects that are steadfastly feminist, like the rehabilitation of survivors of gender-based violence and provision of psychological and legal support and safe housing, establishing shelters for gender non-conforming and marginalized folks, provision of books and health and cosmetic supplies to prisoners and sex workers, providing companionship services for the elderly, and other social initiatives that the existing political and social infrastructures – including the government and civil society organizations – would never think of, and which we need to pay attention to if we want to translate our slogans, critiques, theorizations, and knowledge production into tangible action, because those alone will not engender the just world we dream of.
A feminist monetary fund is not a new invention; it is an extension and a revival of a deeply rooted practice in the history of solidarity among women who practiced feminism to the fullest before the term was academically formulated. Women have been helping each other continuously, especially in societies where the state plays an insignificant role in improving the lives of individuals, especially those on the margins. In Global South societies, solidarity is still a common practice despite the prevalence of individualism, and we see it in situations such as helping out in wedding and funeral arrangements, whether through money or effort, financial associations or gaamiyat, lending personal items and clothes, emotional and psychological support, keeping secrets, hiding what might be considered as immoral crimes in the eyes of society and family men, and finally shouldering care work and exchanging favors. Women have managed to survive and adapt under the patriarchal system thanks to the solidarity networks that they have established either spontaneously or intentionally. They realized early on that there is no individual salvation and that survival has to be collective. As feminists, it is unrealistic and unproductive to be amnesic about that and ignore this great legacy or trade it off with getting entangled in a system of oppression that will never hesitate to dispose of us regardless of any privileges.
But we must also realize that joint feminist work requires first acknowledging our political differences, some of which are difficult to reconcile at times. It is also often difficult to prioritize the public good and the future over the “everything right now!” culture that is so pervasive in our world. We must also acknowledge that feminism has a minimum of basic principles that we can all agree on without being scared to declare our positions and form our alliances, even if we are accused of being exclusionary and violating the “principle of Sisterhood” that sanctifies all those who belong to the society of the “sacred vagina acquired by birth.” For we cannot call ourselves feminists while being dismissive of marginalized women, just as we cannot monopolize the means of production (in our case, the funding ecosystem) and call ourselves Marxists. Today, more than ever, we must outline our priorities clearly and pave the path to the feminist future we want in practice by tapping into our knowledge and owning our financing so we can finally be independent from the controlling grasp of capitalism and its subsumption of radical politics, which we saw happen with environmentalism and queerness and how capitalism tried to green and pinkwash its reputation by creating new consumer markets.